الاستحقاقات الانتخابية 2021 بعيون المغاربة

Image description
الإثنين 12 أبريل 2021 - 07:04 امحمد الزعيم

لا جرم أن قرب الإستحقاقات الإنتخابية طالما أثار سؤالا وجيها يطرح عند كل سنة انتخابية، وهو هل سيتصالح المواطنون مع صناديق الاقتراع؟

هذا السؤال تتباين وجهات النظر في الإجابة عليه، وهو ما قادنا في هذا الاستطلاع إلى إعادة طرح السؤال على مجموعة متباينة من المواطنين وركزنا على فئة الشباب باعتبارهم الفئة الأكثر في المجتمع المغربي.

شباب مع التصويت

عند خروجي من أجل إجراء هذا الإستطلاع صادفت في الطريق الكثير من الشباب فوجدت نفسي في عاصفة من الحيرة والقلق تتقاذفني حتى رأيت شابا يجلس وحيدا فخلصني من هذه الحيرة،توجهت اليه مباشرة كان الوحيد من بين رواد المقهى الذي يحمل كتابا فتقدمت الى الشاب الغارق في القراءة وملامحه تتأرجح بين عدة حالات لا تخفى على أي إنسان،يرى شخصا يقرأ وهو منسجم مع ما يقرأ فلم ينتبه إلا وأنا أقف أمامه، ألقيت عليه التحية وعرفت له بنفسي فاعتدل في جلسته وطلب مني الجلوس.

فطرحت عليه السؤال من دون أي تمهيد هل سيتصالح المواطنون مع صناديق الاقتراع،وماهي الأحزاب المؤثرة في الشباب؟ ارتشف من فنجان قهوته رشفة ورفع حاجب عينه الأيمن واسترسل قائلا»اسمي رضوان عمري 26 سنة وأنا إن شئت أن تقول عاشق الميكروفون ومولع بفن الإلقاء ومدبلج ومترجم في نفس الوقت ترجمة بعض القصص القصيرة للأطفال».

«بداية يجب أولا أن نفصل بين الأيديولوجية والمصالح وأن نتجرد من العاطفة، يقول الفقيه الفرنسي «مونتيسيكيو» أن «كل شعب يستحق الحكم الذي يمارس عليه»وهنا أقصد المعنى العميق للمقولة وليس معناه السطحي الذي قد يؤول إلى معاني طبعا لا أقصدها، في هذه الحالة فالمسؤولية جماعية ولا يجب رمي اللوم على الدولة فقط لأننا كلنا نتحملها وليست منفصلة عنا بل نحن منها وفيها،البرنامج الحزبي الذي تصوغه الأحزاب لا يرتقي إلى مستوى التطلعات، وأنا شخصيا لا أميل الى أي جهة حزبية الجميع ينسخ نفس البرنامج ويغير نقاط قليلة فينشر برنامجا حزبيا لا يعيه البته،هذا راجع إلى أن أغلب الأحزاب لا تزال مفرطة في دورها الذي يجب أن تضطلع به وهو التأطير والتعبئة،هناك محاولات لكن تبقى قاصرة على تحقيق الغاية المنشودة فالمسألة ليست وليدة اللحظة وانما هي تراكمات لسنوات طويلة وحال البلاد لا يزال ثابتا لا تغيير مشهود له كما أن الاحزاب تغيب فاعل اساسي من اللعبة وهو الشباب،وأظن كما اسلفت الذكر ان المسؤولية جماعية تتحملها الأحزاب السياسية بمعية الإعلام وايضا الشعب وأنا لن أصوت في الاستحقاقات الانتخابية القادمة لأنني لا أرى جدية من الأحزاب في الدفع بعجلة التنمية ولا تقنعني أبدًا البرامج الانتخابية لجميع الأحزاب بدون استثناء، لكن هناك أمر في حالة اقتنعت بالمشاركة في الانتخابات في يوم من الأيام سأشارك طبعا وسأقنع شخصا آخر ايضا بالمشاركة».

انتهى حديث رضوان وهو يتأسف على حال الواقع، فطأطأ رأسه متذمرا ولسان حاله يقول بأن هذه البلاد تستحق الأفضل لكن تداخلت عوامل عدة تصعب من هذا الأمر.

وعندما هممت بمغادرة المقهى استوقفني منظر شاب فوق دراجته ينتظر صديقا له ذهبت نحوه فرحب بي بحفاوة لدى علمه بأني صحفي أجري هذا الاستطلاع فطرحت عليه نفس السؤال وضع يداه على مقود الدراجة وأخذ نفسا عميقا.

«اسمي مهدي، عمري 28 سنة أشتغل في شركة خاصة وأنا خبير بالمعلوميات، للأسف صديقي فقدت الثقة تماما في الانتخابات، لأن نفس الأمر يتكرر بعد كل خمس سنوات الوعود الكاذبة والزائفة هي نفسها، نحب طبعا هذا الوطن لكننا لم نرى تغييرا جذريا يرضي المواطن ويتطلع إلى طموح الشباب سأقول لك مقولة راقت لي «عندما ترى ضوءا في آخر النفق اعلم أن هناك فرج قريب أو أن هناك قطار قادم ليدهسك فقط»، وهذه الحالة هي التي دائما مانعيشها غداة كل استحقاق،وبالنسبة لي يجب أن نبحث عن أنماط سلوكية تقرر ما إذا كان الاشخاص الممارسين داخل الأحزاب لهم المهارة التي تخول لهم اتخاذ قرارات جريئة وحاسمة تستجيب لمتطلبات المواطنين فهم دائما (أي الأحزاب) ماصدعو رؤوسنا بالشباب ولم نرى اي اهتمام بهذه الفئة التي تعد العمود الفقري لنهضة الأمم،فيجب على الاحزاب ان تمهد للشباب طريق تقلد مناصب مهمة، ولكم نتمنى أن نرى شابا لا يتجاوز 35 ربيعا على رأس الحكومة للإعطاء دينامية وحركية تزيد بالبلاد الى الأمام يجب ان تمنح هذه الفرصة للشباب وعلى هذا الاساس يجب إنشاء خلية علم نفس تعنى باختيار الاشخاص المناسبين وهي من تحدد الأنسب والأصلح لقيادة الأحزاب فمعلوم أن سلوك الفرد يذوب في محيط الجماعة وعلى الأحزاب ان تسعى الى ترجمة برنامجها الانتخابي على ارض الواقع لا شحن وتعبئة الشعب بكلام منمق ومزخرف لا يسمن ولا يغني من جوع، لن أصوت في الانتخابات القادمة لأن هناك الكثير من الاختلالات تشوب البنية الحزبية وما قد وقع بالدار البيضاء وطنجة له خير دليل على عدم التزام الحكومة ببرنامجها زد على ذلك الأحزاب لم تقدم أي شيء ملموس إبان جائحة فيروس كورونا فهناك العديد من الناس المتواجدين في أماكن بعيدة لم يصل اليها الدعم الذي تحتاجه الأسر هناك، لكن التلقيح تم ايصاله لها مادامت تخدم توجهاتهم الخاصة وأقول ختاما إذا أراد بلد ما أن يكون متطورا يجب أن يهتم بثلاثة أشياء أولا الاهتمام بالاسرة والتعليم والقدوة وهم المخترعون والمفكرون وعدم تركهم عرضة للهجرة وعندما تضرب هذه الأضلاع الثلاثة فإن البلاد ستسير الى الانهيار والاندحار والسلام».

بهذه الكلمات ختم مهدي كلامه فأتى صديقه الذي كان ينتظره فسرد له بعضا مما قاله على أمل أن يتمم له باقي الحديث عند وصولهما الى الوجهة التي يقصدونها فذهبا معا فوق دراجته النارية وهو سعيد ومبتهج، بقي كلام المهدي يثير اسئلة في عقلي هل الشباب يفتقد الثقة في السياسيين وفي الأحزاب السياسية إلى هذه الدرجة.

وبينما أتمشى وأبحث عن شخص آخر يدلي بدلوه وجدت حارس عمارة كبيرة جميلة يغطيها الزجاج من رأسها إلى أخمص قدميها ويبدو أنها عمارة للمكاتب وليست للسكن ملامح الحارس كانت تشي بأن له ثقافة واسعة فكسرت هذا التردد وتوجهت صوبه ألقيت عليه التحية فرد التحية كان يعتقد انني بصدد السؤال عن أحد المكاتب في العمارة لكنني صححت له اعتقاده وعرفته بنفسي بعد شد وجذب رضي بأن يدلي هو الآخر بدلوه في هذا الإستطلاع فحملق بعينيه يمينا ويسارا.

ثم أردف يقول «لقبي «شيلا»، ولن أفصح عن اسمي سأبدأ، إجابتي بأنني لن أصوت في الانتخابات وأرى أن أغلبية الشعب المغربي لن يتعاطى بشكل ايجابي مع هذه الاستحقاقات نظرا للواقع المرير الذي نعيشه سأعطي لك أخي مثالا حيا وهو تجربتي، أنا درست وحاصل على شهادة البكالوريا كان لدي طموح أن أتمم دراستي لكن ظروفا قاسية حالت دون أن يتم الأمر وماذا من مرة التجأت الى بعض الأشخاص المنتمين للأحزاب ولن أذكرها وقد انخرطت في أحد الأحزاب فوجدت أن الأمر ليس سوى حبر على ورق فبرغم تغيير الوجوه تبقى نفس السياسة الخطابات الرنانة بدون نتائج سيرا على المثل القائل «أسمع جعجعة ولا أرى طحينا» نفس السياسة منذ الأزل فالأحزاب لا تروج إلا للوهم والأحزاب لا تزكي إلا الأشخاص المتواجدين على رأسها أكثر من تقديسها لمبادئ الحزب وبهذا فأعتقد أن الأحزاب هي فقط أدوات تصدر وهم الديمقراطية»..

اثارني جواب هذا الشاب ما جعلني مشدوها لوجهة نظره التي لم أكن أتوقعها بقدر ماكنت أتوقع إجابة بسيطة خالية من أي معنى جوهري يمكن أن يدعم هذا الاستطلاع الذي أجريه ودعته ومشاعر الفخر والفرح تمتزج بكياني لسلالسة كلامه وتراتبية أفكاره وهذه الرجة أو الزلزال الذي أحدثه في عقلي.

جمال بندحمان الكاتب العام للمركز المغربي لحوار الثقافات وتنمية القيم

شباب مع التصويت

في خضم الحوار الذي أجريه رمقت شابا آخر يدخن سيجارته متكئا على دراجته ويبدو أنه مستمتع بالتدخين دنوت منه وشرحت له سبب مجيء اليه أخذت موافقته في الحديث شرط أن لا أقوم بالتقاط صورة له وأن الأمر مادام سيكون كتابيا فالأمر يناسبه جدا وبعد هنيهة فكر ثم قال «اسمي مروان، عمري 26سنة وأعمل وسيطا تجاريا منذ ثلاث سنوات طبعا أخي أنا سأصوت في الاستحقاقات القادمة ولايمكنني أن أخلف هذا الواجب الوطني والديمقراطي سأصوت من أجل التغيير، برغم أنني على يقين تام بأن فئة قليلة هي التي سوف تتوجه إلى صناديق الاقتراع فكما هو معلوم أخي مرت خمس سنوات ولم يتغير أي شيء مازلنا نعاني من البطالة والهشاشة ولم نحظى بالحياة الكريمة التي عقدنا عليها الأمل».

انتهى كلام مروان الذي كان في البداية غاضبا وبعد أن قدم وجهة نظره ارتسمت ابتسامة على محياه لا أدري إن كان السبب إعجابه بما قال أو أنه إرتياح ذاتي لا يستطيع حتى هو نفسه تفسيره،في نفس اللحظة كان أحد الشباب يرمقنا بنظراته منذ الوهلة الأولى أحسست أنه يريد هو الآخر أن يقول رأيه فذهبت إليه لأطرح عليه السؤال بعد التحية والسلام اندهشت من تفاعله منذ اللحظة الأولى فأرجع رأسه الى الخلف قليلا ثم أعاده واعتدل ليقول لي»اسمي الحسين 29 سنة حاصل على ماستر في القانون العام ولا تزال البطالة تنخرني منذ أربع سنوات، بشكل مختصر صديقي أعتقد أن ما خلفه أداء الحكومة خلق فشل وعدم رضا من طرف المواطنين في الأحزاب السياسية ككل في ما يتعلق بالمصالحة فذلك يستوجب إرادة سياسية حقيقية لدى مختلف المؤسسات مع التركيز على التنمية في الثلاثي المتعارف عليه الصحة التعليم والشغل اخيرا كوجهة نظر أظن أن التنظيم السياسي الوحيد الذي يثق فيه الشباب والمؤثر هو حزب التجمع الوطني للأحرار لما يقوم به من برامج تحفز الشباب وتفتح أمامهم آفاقا، بالنسبة لي سأصوت في الانتخابات أملا في أن تكون هذه السنة بارقة أمل من أجل مناخ سياسي ديمقراطي وحياة أفضل للمواطنين».

عبد الرحيم بوعيدة أستاذ بكلية القاضي عياض بمراكش

الانتخابات بعين السياسيين

وبعد أن أخذت هذه الأجوبة المتباينة لدى الشباب قمت بالبحث في مذكرتي وعند بحثي وجدت اسم «عزيزة شكاف» قيادية بحزب الأصالة والمعاصرة فلم أفكر كثيرا في ربط الإتصال بها وفي الحقيقة فاجئتني ردة فعلها وترحيبها بتقديم رأيها على الفور وفي ذات اللحظة،فوجهت لها سؤالي فجاء ردها بعد برهة من التفكير.

«صباح الخير أخي الفاضل في اعتقادي أن طريقة منح التزكيات واختيار المترشحين هي التي يمكنها أن تساهم في تغيير عقلية الشباب أوتؤثر فيهم ما سيمنحهم ثقة من أجل التأطير والتصويت من بداية الحملة الانتخابية إلى نهايتها، لا أظن أن برامج الأحزاب الانتخابية يستطيع تغيير فكر الشباب لأنها ببساطة تبقى شعارات وبرامج، لكن لمن ستمنح التزكيات هي مربط الفرس، فإن منحت لأصحاب الكفاءات هذا سيمنح الثقة للشباب ويجعلهم بكل تأكيد يقبلون بكثافة وحماس إلى صناديق الاقتراع للتصويت، أما إذا استمرار منح التزكيات لفئة مجتمعية بعينها ليس بالأمر الصائب برغم ما قدمته من أشياء جيدة في الماضي، طبعا نكن لها كامل التقدير والاحترام سواء كان لها نفوذ ترابي أم قبلي أم جهوي معين، إلا أن الوعي المتزايد لدى الشباب خاصة مع التطور التكنولوجي وإطلاعه على تجارب عالمية رائدة في الديمقراطية لم يعد بامكانه احتمال ممارسة السياسة بنفس النمط الكلاسيكي القديم وهو ما جعل الشباب يطمح لأن يكون فاعلا أساسيا يشتغل داخل مركز القرار، ففرصة المرور إلى مراكز القرار هو الطريقة الصحيحة لإحتواء الشباب واستفزاز قدراتهم الجبارة في الاشتغال والإبداع، فالشباب المغربي ظل لعقود طويلة يمارس دورا ثانويا وهامشيا يتمثل فقط في التأطير والتعبئة للمرشح التاريخي الذي عمر لسنوات طويلة أو تعويضه بشخص له نفس الحمولة السياسية ونفس الفئة العمرية ونفس العقلية الإنتخابوية فطبيعي أن يشعر الشباب بالتذمر والتقاعس وهذا ما يؤدي الى نتائج وخيمة تتجلى في مقاطعة الانتخابات والعزوف عنها».

وفي معرض سؤالي لها حول من هي الأحزاب المؤثرة في الشباب كان جوابها» لا أستطيع أن أعطي اسما غير اسم الحزب الذي أنتمي له، وقد ركزت على فئة الشباب باعتبارها الركيزة الأساسية التي تقوم عليها نهضة الأمم».

بعد القيادية في حزب الجرار طرقت الباب على الدكتور "عبدالرحيم بوعيدة" أستاذ بكلية القاضي عياض بمراكش وطلبت رأيه في هذا الإستطلاع فكان متجاوبا ومتفاعلا كعادته فأوفد لي بالتصريح الآتي «أظن على أن عملية تصالح المواطنين مع صناديق الاقتراع مرتبطة بوجود مناخ سياسي حقيقي وصحي، ووجود أحزاب مستقلة وقادرة على ترجمة البرامج إلى الآن،لايمكن التنبؤ بذلك لأن أغلب الأحزاب لا تملك سلطة القرار وتعيد إنتاج نفس الخطاب ونفس النخب السياسية التقليدية،المواطن في المغرب لا يثق في الحكومة ولا في الأحزاب يثق في الدولة بما لها من حمولة،هناك من يريد أن يفرغ الوسائط من دورها لذا لن يكون هناك تغيير في المشهد السياسي ولن يتصالح المغاربة مع صناديق الاقتراع مادامت النخب السياسية لاتحاسب لا يوجد حزب سياسي يعتمد على الشباب أو يضعه ضمن برنامجه هو مجرد شعار مرفوع لكن عند الاستحقاقات يتم البحث عن أصحاب الشكارة لذا أغلب الشباب غير مسجلين وغير مهتمين أصلا».

انتهى كلام الدكتور «عبد الرحيم بوعيدة» وقبل أن أبحث عن شخصية أخرى تعنى بالشأن السياسي بالمغرب تغني هذا الاستطلاع بوجهة نظره طرق باب ذاكرتي اسم «جمال بندحمان» وهو» أستاذ التعليم العالي في جامعة الحسن الثاني ــــ الدار البيضاء والكاتب العامّ للمركز المغربيّ لحوار الثقافات وتنمية القيم، الذي فتح لي الباب على مصراعيه وأجابني في التو والآن «الانتخابات محطة لاستثمار مراحل التعبئة التي يفترض أنها أنجزت خلال مراحل البيات الانتخابي،لكن ما يلاحظ أن هذه المهمة المنوطة بالأحزاب لا تتحقق بالشكل المطلوب حيث إن معظم الأحزاب تنتظر لحظة الانتخابات كي تبحث عن إنجاح تعبئة فاقدة للوجود،وهو ما يعني أن مسألة مصالحة المواطن مع الانتخابات لايمكن ان تتحقق لحظة الانتخابات أي في الزمن الميت للتعبئة..إضافة إلى ما سبق تحتاج المصالحة الى إعادة بناء الثقة في المؤسسات بشكل عام،علما ان هذه الثقة تعرضت لرجات قوية أصبحت معها المؤسسات مجازات مفتوحة.. بالنسبة للشباب هناك عدة ملاحظات أهمها ضعف انخراطهم في الأحزاب مقارنة مع عددهم». انتهى كلام الأستاذ «جمال بندحمان».

وخلال بحثي عن شخصية أخرى تثري هذا الاستطلاع قادتني الأقدار إلى محلل سياسي والذي وجدته بالصدفة المحضة لم أكن أعتقد أن سؤالي الذي سأوجهه للمرة الاخيرة سيكون من نصيبه، هذه هدايا القدر التي لاترد لكن فجعت لعدم رغبته في الإفصاح عن هويته لكنه رضي بأن يدلي بدلوه هو الآخر في هذا الإستطلاع فقبلت على الفور كانت إجابته مختصرة جدا لضيق وقته، فقال «أخي الفاضل الصناديق على ما يظهر فقدت مصداقيتها ليس في المغرب فحسب بل في جل بلدان العالم، الانتخابات لعبة الاغبياء من وجهة نظري الخاصة أما الاحزاب فكما ترى اليوم لم يعد يجتمع حولها سوى ذوي المآرب والسلام أخي الفاضل أتمنى لك كل التوفيق».

غادر المحلل السياسي وتركني أرقبه وهو يحاول عبور الشارع الى الضفة الأخرى حتى اختفى. كان هذا الاستطلاع مهما جدا عشت معه لحظات جميلة وخبرت عن قرب نظرة المواطنين وتصوراتهم للاستحقاقات الانتخابية فوجدت أن الجميع ينظر من نفس الكوة للإنتخابات،وحضرني قول «اوتو فون بيسمارك» يكثر الكذب عادة قبل الانتخابات وخلال الحرب وبعد الصيد، نتمنى ان يذكر الشعب المغربي ذات يوم حزبا حقيقيا يعبر عن إرادتهم ويدافع بكل جرأة عن حقوقهم بترجمة ذلك على أرض الواقع لا بالكلام المنمق الرنان الذي يلهب النفوس ساعة ثم يخمد لهيبها بماء الفساد ردحا من الزمن، على أطياف الشعب أن تعانق حضن المعرفة والوعي فبدونهما سنجتر الوقائع وسنبقى حبيسي نسق التذمر والندم مطلع كل استحقاقات تخلف ببرامجها الانتخابية التي تلقى رواجا فقط في الحملات وتختفي بعدها إلى الأبد لأنها ولدت فقط من رحم القلم ولقيت مصرعها بالأوراق.

عزيزة شكاف قيادية بحزب الأصالة والمعاصرة