"إنجلترا هذه" مسلسل عن كورونا ينصح بتجنبه مثل الوباء

Image description
السبت 01 أكتوبر 2022 - 06:10 رويترز

هل تتذكرون وباء كورونا؟ الإجابة على الأرجح هي نعم، أولاً لأنه حدث في وقت قريب جداً (وهو ما زال قائماً كما يقول بعض العلماء)، وثانياً لأنه كان تجربة رهيبة جداً. لم يعش البشر بمثل هذه الصدمة الجماعية التي أحدثها الوباء منذ الحرب العالمية الثانية. مع أخذ كل ما سلف في الاعتبار، يطرح علينا مسلسل لم يطالب به أحد على وجه الخصوص "إنجلترا هذه" This England، إذ نرى فيه دومينيك كمينز يصيح في شأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي! ومعالجة درامية لاحتضار البشر في وحدات العناية المركزة! والممثل كينيث برانا في دور بوريس جونسون!

بناء على هذا، ورغم سعي مسلسل "إنجلترا هذه" الذي يعرض على منصة "سكاي أتلانتيك" إلى تقديم مشهد مكتمل للأشهر الأولى من الأزمة، فإن هناك عنصراً مشتتاً للانتباه، بشعر أشقر، لا يمكن تجاهله. حتى لو لم يكن ذلك مقصوداً، لكن المسلسل يدور حول بوريس جونسون، وأكبر مشكلة في أداء برانا هي أن تقمصه للشخصية ضعيف إلى حد ما، وأنه يشتت انتباه المشاهد بشدة في الوقت نفسه. إنه يتأرجح في أدائه (ويتعامل مع نص يزيد صعوبة مهمته بسبب حوارات من قبيل "السلطة محرضة للشهوة الجنسية والسلطة المطلقة مثيرة للشهوة الجنسية تماماً")، بينما يتم تذكير الجمهور باستمرار بأن هذا الرجل من المفترض أنه بوريس جونسون. نادراً ما يمر مشهد من دون أن يتبجح بمقطع شعري من حقبة الملكة إليزابيث الأولى أو قصيدة يونانية، إنه تشخيص يغوص بشدة في التفاصيل وكأنه قراءة في صفحات موسوعة.

حتى في أفضل أعماله، برانا ممثل استعراضي، وفي هذا المسلسل يخطف تركيز المشاهد من أداءات أكثر براعة، على سبيل المثال أوفيليا لوفيبوند في دور كاري سيموندز، أو أندرو بوشان في شخصية وزير الصحة مات هانكوك. يجب أيضاً تخصيص مراجعة نقدية لافتتاحيات الحلقات التي تأخذ الأعمدة الصحافية التي كتبها جونسون وملاحظات من مقابلاته وتصوغها كمناجاة على الطريقة الشكسبيرية، مع إشارات إلى أقواله الشهيرة مثل "الرجال المثليون شبه العراة [التي أوردها في مقالة كتبها في صحيفة ’ذا تيليغراف‘ عام 1998]" و "سياستي هي أنك تستطيع الجمع بين شيء ونقيضه".

تشير الافتتاحيات أيضاً إلى اختلال التوازن في نبرة العمل. هناك نبرة ساخرة، لكن من دون طرح نكات بالفعل، في جميع المشاهد التي يظهر فيها جونسون (يبدو برانا مثقلاً بالأزياء والمكياج المرعبين لدرجة أنه يمكنه استخدامهما في احتفالات عيد الهالوين). يقول جونسون بنبرة كئيبة وهو يحدق في لوحة فارغة ويمسك بفرشاة رسم في يده "أشعر قليلاً بالاكتئاب اليوم مثل كلب أسود، كما كان ونستون [تشرشل] يشير إلى الشعور"، فتجيبه كاري بنبرة خانعة "حسناً، استثمره في إبداعك الفني". لكن على رغم استمتاع العمل الشديد في استعراض جونسون وهو يتجول في إقامة "تشيفنينغ هاوس" مردداً عبارات شكسبير، فإن المسلسل في جوهره، هو تشريح مفصل للقرارات المتخذة في الكواليس. هناك ظهور لشخصيات مثل كريس ويتي (يؤديها جيمي ليفينستون) ونيل فيرغسون (الممثل أنتوني هاويل) وسارة غيلبرت (زوي ألدريتش) وجوناثان فان تام (توم نوين)، إلى جانب عشرات من الشخصيات الرئيسة الواقعية.

تم تنفيذ عمليات الإنتاج على نحو رائع، والاهتمام بالتفاصيل، بالاستعانة باستشارة تيم شيبمان من صحيفة "ذا صنداي تايمز"، كان ممتازاً. في الواقع، هذا العامل ليس في صالح المسلسل، فكلما ازداد المسعى إلى التحقق من صحة وحياد عمل يوثق لمرحلة تاريخية معينة، كلما بدا قرار صناعة مثل هذه الرواية المتخيلة بشكل أنيق أكثر لا منطقية. نسمع زوجته تهمس في كابوس محموم، "هنا يرقد الرجل الذي لم يحسن معاملتي". هل هذه نظرة شاملة على الخطأ الذي حدث في الاستجابة البريطانية لوباء كورونا (وهو عرض لن يرغب أحد في مشاهدته بالتأكيد)، أم توثيق شخصي لمرحلة مضطربة في حياة أحدث رئيس وزراء سابق لبريطانيا (وهو عرض لن يرغب أحد في مشاهدته بالتأكيد)؟

أي شخص يتحمل مشاهدة جميع حلقات المسلسل التي تصل مدتها إلى ست ساعات، يستحق تصفيق الشعب تحية له. الكلمة الوحيدة للتعبير عن هذا الإنجاز هي "يتحمل". كان تقديم السنتين الماضيتين البائستين على شكل مادة للترفيه قراراً لا يمكن تفسيره، والتنفيذ الفاشل للفكرة هو ببساطة نتيجة ثانوية لذلك الخطأ الأساسي. بالنسبة إلى الأشخاص الذين عانوا بسبب صحتهم العقلية أو الجسدية، والأشخاص الذين واجهوا صعوبات مالية، وأولئك الذين فقدوا أحباءهم، والآخرين الذين يرغبون في قضاء ما تبقى من عمرهم في متابعة الأعمال التلفزيونية الجديرة بالمشاهدة، عليهم جميعاً تجنب مشاهدة "إنجلترا هذه" مثلما يتجنبون الوباء!