بمدينة بركان شرق المملكة المغربية، وفي عائلة محافضة لأب اشتغل بالتدريس وأنهى مساره العملي مفتشا متقاعدا، ولد فوزي لقجع سنة 1970، وسط ثلاثة من إخوته.
درس فوزي لقجع، مرحلة الابتدائية والثانوية بمسقط رأسه وحصل على شهادة البكالوريا شعبة العلوم التجريبية سنة 1988، ثم إلتحق بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة التي نال منها شهادة مهندس زراعي والتحق بوزارة الفلاحة قبل أن يكمل دراسته بالمدرسة الوطنية للإدارة بالعاصمة الاقتصادية الدار البيضاء.
اشتغل فوزي لقجع بالمفتشية العامة للمالية، ثم انتقل ليعمل كرئيس لشعبة المجالات الإدارية سنة 2000 لمدة ثلاث سنوات، ثم شغل منصب مدير ميزانية الدولة التابعة لوزارة المالية بعد ان قضى سبع سنوات في قسم الزراعة والمقاصة، وفي يناير 2010، عين في منصب مدير ميزانية الدولة التابعة لوزارة المالية.
انطلق تألق فوزي في مجال الرياضة مع فريق مدينه الذي خلال فترة رئاسته له عرف نادي النهضة الرياضية البركانية لكرة القدم تألقا سواءا على الصعيد الوطني أو الإفريقي والعربي..
حيث انتخب فوزي لقجع رئيسا لنادي النهضة الرياضية البركانية لكرة القدم في شهر شتنبر منذ عام 2009..
حيث قام بإعادة هيكلة شاملة في الفريق البركاني، وقام ببناء أسس متينة، ولم يمض سوى موسمين اثنين حتى بدأت سياساته تؤتي أكلها، بعدما صعد فريق بركان إلى القسم الأول بعد غياب طويل، حيث عمل لقجع كثيرا على كافة التفاصيل الإدارية للنادي والفئات الشبانية، وركز على الجانب المالي لكي يتفادى الفريق الدخول في متاهات مستقبلا..
وبعدها بسنوات قليلة، وتحديدا يوم 11 نوفمبر 2013 انتخب لقجع رئيسا للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم خليفة لعلي الفاسي الفهري. وحاز على لقب أصغر رئيس جامعة كرة القدم في تاريخ المغرب.
ويعتبر انتخاب فوزي لقجع على رأس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، أحد تجليات العهد الجديد، وعودة الجامعة إلى حظيرة التسيير المدني، وانتهاء حقبة عسكرة، ناهزت ال 23 سنة، بعد سداسية قضول بنزروال (1979-1986).
ورث لقجع جامعة متهالكة، وسيطا رياضيا مغربيا خافتا سواءا على الصعيد الإفريقي أو العربي أو العالمي..
حيث كانت المحسوبية والزبونية تنخر كيانات الجامعة الملكية لكرة القدم، وكان بعض المسؤولين من داخل الجامعة ومن خارجها يسيرون دواليب المنتخب الوطني والشأن الكروي المغربي ككل من خلف الستار، حيث كانت الرشوة والمحسوبية هي شعار من يحمل قميص المنتخب المغربي لا الكفاءة والوطنية..
لم يكن طريق التغيير مفروشا بالورود أمام فوزي لقجع، لكنه كان بحق رجل المرحلة..
حيث بدأ رحلة جديدة لإصلاح الكرة المغربية وتجسيد أفكاره الاستثنائية فوق أرض الواقع، وكان انتخابه أحد تجليات العهد الجديد، قراراته الحاسمة حد الصرامة، وعقليته الإدارية التي اكتسبها في دراساته العليا بالمدرسة الوطنية للإدارة، وعمله في المفتشية العامة للمالية، ثم كرئيس لشعبة المجالات الإدارية، ومدير ميزانية الدولة بوزارة المالية، أهلته لأن يصنع لنفسه اسما داخل مجال الكرة وطنيا وإفريقا ودوليا.. وجعلت من المغرب ماركة مسجلة إفريقيا وعربيا وعالميا في الكرة المستديرة، ومن المنتخب المغربي رقما صعبا تهابه منتخبات عتيدة مثل إسبانيا والبرتغال..
وكما ذكرنا أن هاته النجاحات لم تكن وليدة الصدفة، ولم تكن الطريق ممهدة لها، حيث واجه لقجع في مسيرته نحو القمة، الحرس القديم الذي كان يستفيد من الوضع القائم آنذاك، وينخر جسد الجامعة كالسوس، حيث كانوا يتدخلون في كل صغيرة وكبيرة من جلب المدربين الأجانب والأطر التقنية، وترشيح اللاعبين لحمل القميص الوطني، وغالبا ما تكون اختياراتهم شخصية وليست مهنية.. هذا الحرس القديم الذي كان متغلغلا في دواليب الجامعة جيش كل إمكاناته المادية والمعنوية لإبعاد لقجع عن المشهد الكروي، وأطلق عليه أبواقه الإعلامية من صحافة صفراء مأجورة وصناع محتوى مهجن كي يضربوا في مهنية ومصداقية هذا الرجل.. لكنه استطاع وفي ظرف قصير أن يمضي قدما في مشروع الإحتراف وإزالة كثير من العيوب التي تشوب المشهد الكروي في المغرب، بل وجعل كرة القدم خير سفير لتلميع صورة المغرب وتعريف العالم بهذا البلد العظيم المتعدد الثقافات..
ما إن أمسك فوزي لقجع زمام الجامعة الملكية لكرة القدم حتى بدأ في الاشتغال على ملف عودة المنتخب المغربي إلى المنديال بعد غياب دام عشرين عاما، حيث بدأ لقجع في إعادة تخطيط وهيكلة المنتخب الأول، بداية بتعيين الإطار الفرنسي الخبير إفريقيا هيرفي رونار، فكان التأهل لمونديال روسيا 2018، بعدها تعاقد لقجع مع الثعلب وحيد خاليلوزيتش الذي رغم انتقادات الصحافة المغربية لطريقته في تسيير الفريق إلا أنه استطاع أن يقطف تذكرة المرور لمونديال قطر 2022، ثم المرور لإقناع العديد من المواهب والنجوم الشابة اللامعة في أقوى الدوريات الأوروبية لتقمص ألوان أسود الأطلس والدفاع عن علم بلادهم في المحافل الكروية العالمية أمثال حكيم زياش، وياسين بونو، وأشرف حكيمي، ورومان سايس، ويوسف النصيري، وأمين حارث، وبلال القنوس، ونايف أكرد وغيرهم… وصار حمل القميص الوطني شرفا يناله من يستحق وليس قميصا لمن يدفع من تحت المائدة..
ولأن لقجع يؤمن بالكفاءات المغربية، فقد قرر وفي وقت حرج مر به المنتخب المغربي بسبب الضغط الذي مارسته الصحافة المأجورة للضغط على وحيد خليلوزيتش وتدمير حلم لقجع في الوصول بالمنتخب المغربي لمستويات متقدمة في مونديال قطر الذي لم يتبق على انعقاده آنذاك سوى شهور قليلة.. فقرر لقجع إنهاء عقد خاليلوزيتش وإسناد المهمة المستحيلة للإطار الوطني وليد الركراكي الذي كان في المسوى المطلوب واستطاع الوصول إلى الربع النهائي بعد تغلبه على إسبانيا وخروجه بطريقة مشرفة بعد خسارته ضد فرنسا..
حيث صار العالم كله يشيد بالمغرب وبإنجازات المنتخب المغربي، وصار الحديث عن أكبر مفاجئة حصلت في مونديال قطر هي تألق المنتخب المغربي الذي تنبأ له العديد من المحللين الرياضيين حينها بإمكانيته حمل كأس العالم أو والتربع كوصيف لبطل العالم لولا توقف مسيرته أمام ديكة فرنسا..
لم تكن هاته هي أبرز إنجازات لقجع، بل في جعبة هذا الرجل المنحدر من المنطقة الشرقية المغربية الكثير، ولعل أبرزها إعادة الهيبة للكرة المغربية إفريقيا، والضغط بقوة من أجل إصلاح الإتحاد الإفريقي لكرة القدم « الكاف » الذي كانت المحسوبية والرشاوى تعصف به وتحدد الفرق الفائزة برشوة الحكام وبيع المباريات.. خاصة في عهد الرئيس السابق أحمد أحمد.. وكانت جل هاته التجاوزات لا تصب في مصلحى المغرب، خاصة في عهد رؤساء الجامعة المغربية السابقين المنغلقين على أنفسهم.. فجاء لقجع ليقف في وجه كل هاته التجاوزات ويكسب في صفه رؤساء إتحادات كرة أفارقة هم أيضا اكتووا من نار هاته التجاوزات والتي غالبا ما تقوم بها اتحادات مصر والجزائر.. فأخد يسحب البساط من تحت أرجلهم حتى صار لقجع العدو الأول للصحافة الرياضية بكل من مصر والجزائر، متهمينه بكل الخروقات التي كان رؤساء اتحاداتهم يقومون بها من أجل كسب الألقاب والدوريات الإفريقية..
إنجاز آخر يضاف إلى سجل هذا الرجل الاستثنائي، وهو استفادته من خريجي أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، هذا الصرح الرياضي الذي دشنه الملك محمد السادس عام 2009، جاء لإعادة تشكيل الرياضة الوطنية في المغرب، واكتشاف المواهب الكروية ومساعدة لاعبي كرة القدم للوصول إلى هدفهم واللعب في دوري احترافي، حيث مع التألق الكبير للاعبي المنتخب المغربي في مونديال قطر 2022، اتّجهت الأنظار إلى أكاديمية محمد السادس لكرة القدم التي تخرج فيها ثلاثة لاعبين، ضمن التشكيلة الرئيسية لأسود الأطلس؛ وهم: وسط الميدان عز الدين أوناحي، والمهاجم يوسف النصيري، والمدافع نايف أكرد، إلى جانب الحارس الثالث للمنتخب رضا التكناوتي.
وجرى بناء وتجهيز الأكاديمية وفق معايير تجعلها تضاهي مراكز التكوين العالمية، بهدف توفير الظروف المناسبة لتكوين المواهب الكروية تكوينًا رياضيًا وعلميًا، يتيح لها اللعب في أكبر الأندية الكروية، سواء بالمغرب أو أوروبا.
وتتكون الأكاديمية التي يرأسها الكاتب الخاص للعاهل المغربي ورئيس فريق الفتح الرباطي محمد منير الماجدي، من منطقتين رئيسيتين: المساحة المفتوحة وتضم ملاعب ومساحات خضراء، والقرية الرياضية وتضم خمسة أبنية مخصّصة للسكن والتعليم والمركز الطبي والمقصف.
فجاء فوزي لقجع متماشيا لتوجيهات جلالة الملك محمد السادس في سياسة جلالته الرشيدة في إعادة هيكلة المشهد الرياضي الوطني، وتأهيل التنظيمات الرياضية للاحترافية، ودمقرطة الهيئات المكلّفة بالتسيير..
استطاع فوزي لقجع خلق صداقات قوية مع الفاعلين في مجال كرة القدم الإفريقية والعالمية، ولعل أبرزهم باتريس موتسيبي، رئيس الكاف، جياني إنفانتينو رئيس الفيفا. هذا الأخير لا يخفي دعمه للمغرب وإعجابه بما حققه هذا البلد العربي الإفريقي في المجال الكروي..
ولعل أهم إنجاز حديث حققه المغرب في مجال الكرة الساحرة المستديرة، في عهد فوزي لقجع هو اختيار المغرب من طرف الكاف لتنظيم بطولة كأس إفريقيا 2025 بعد صراع طويل مع الجارة الجزائر للظفر بشرف التنظيم..
وآخر هاته الإنجازات وليس آخرها، والتي ستضاف لفوزي لقجع هو اعتماد الفيفا ملف المغرب، إسبانيا، البرتغال بالإجماع لاستضافة مونديال 2030 لكرة القدم..
فهل سيقف طموح فوزي لقجع عند هذه الإنجازات أم سيتخطاها لنجده قريبا رئيسا للإتحاد الإفريقي لكرة القدم «الكاف» بل ويتعداها ليصير أول رئيس عربي إفريقي للمنظمة العالمية لكرة القدم «الفيفا»؟.. من يدري؟