الأكاديمي فؤاد بلمير يدق ناقوس الخطر ويعتبر انهيار منظومة القيم خطرا داهما يهدد النسيج الاجتماعي

Image description
الخميس 04 سبتمبر 2025 - 12:09 يوسف شكور

أفاد الباحث في علم الإجتماع الدكتور فؤاد بلمير في معرض حديثه لموقع "إم تي في بليس الإخباري أن انهيار منظومة القيم موضوع شائك ومعقد ومتداخل المحاور والأبعاد، ويحضى بأهمية بالغة من طرف المحللين الإجتماعيين والخبراء النفسيين، مبرزا في الوقت نفسه أن الأسباب و العوامل المتدخلة في هذا الإنحدار الأخلاقي الذي نراه اليوم كثيرة ومتعددة، ولا يمكن حصرها في عامل واحد أو اثنين، بل هو نتاج تراكمات وتحولات عميقة عرفها المجتمع المغربي منها ما هو اجتماعي اقتصادي، و منها ما هو تاريخي ثقافي و منها ماهو سياسي.
ويردف ذات الخبير قائلا أن بداية هذا الانحلال الأخلاقي ليست وليدت اليوم و اللحظة بل برزت أولى مؤشراته خلال ثمانينيات القرن الماضي و بالضبط سنة 1981 عندما شرع المغرب في تطبيق سياسة التقويم الهيكلي هذه الخطوة التي كانت لها مجموعة من الإنعكاسات السلبية على مجموعة من الجوانب لا سيما على المستويين الإجتماعي والإقتصادي حيث تأثرت الطبقة المتوسطة بشكل كبير، هذه الأخيرة التي كانت بمثابة ضابط إيقاع تحافظ على توازن المجتمع وتمده بالقيم الأخلاقية، والمجتمعية وتعمل على إفراز النخب الإقتصادية و الثقافية، و بانهيارها انهارت معها المدرسة العمومية التي لم تعد تقم بدورها المتمثل في التربية قبل التعليم ،الأمر الذي أدى إلى هذا الانحدار الأخلاقي والتفسخ القيمي، زد على ذلك التمدن السريع والعشوائي و الهجرة القروية الكثيفة نحو المدن خاصة خلال هذه السنة بفعل توالي سنوات الجفاف الأمر الذي أدى إلى تفكك البنية الإجتماعية التقليدية و فقدان الأسرة لسلطتها في الضبط الأخلاقي، ناهيك عن الفوارق الاجتماعية الصارخة المتمثلة في اتساع الهوة بين الطبقات و غياب العدالة الإجتماعية الأمر الذي جعل الفئات المقهورة و الفقيرة تشعر بالتهميش والإقصاء وهو ما نتج عنه سلوكيات انتهازية غير أخلاقية كرد فعل على هذا الظلم الإجتماعي.
ويستطرد عالم الإجتماع المغربي في تحليله للموضوع مبرزا أن العولمة المتوحشة ساهمت هي الأخرى في هذا الإنهيار الأخلاقي بفعل نشرها لمجموعة من القيم و العادات الذخيلة على المجتمع كثقافة الاستهلاك التي تربط القيمة الاجتماعية للأفراد بما يملكونه من سلع ، وليس ما يتصفون به من قيم نبيلة و مبادئ سامية، كما أنه في ظل العولمة، تنتشر أنماط الحياة الغربية التي قد لا تتوافق مع قيم بعض المجتمعات، مثل التحرر الفردي المطلق الذي قد يتعارض مع القيم العائلية والمجتمعية التي تُقدّر الترابط والتكافل.
و يبرز الخبير السوسيولوجي المغربي الذي خبر الظواهر الإجتماعية وسبر أغوارها على مدى سنين، إلى دور الإعلام الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي في انتشار المعلومات والأفكار بسرعة هائلة، بما في ذلك الأفكار الغربية التي قد تُعتبر غير أخلاقية أو غير مقبولة في بعض الثقافات. هذا الانفتاح قد يُضعف من دور المؤسسات التقليدية التي كانت تضبط القيم والأخلاق، مثل الأسرة والمدرسة والمؤسسات الدينية.
وفي ختامه تحليله المستفيض لهذا الموضوع وجه الباحث الإجتماعي المغربي فؤاد بلمير أصابع الإتهام إلى مؤسسات التنشئة الإجتماعية و على رأسها المدرسة التي لم تعد منجما ينتج القيم و الأخلاق و يربي الناشئة على المواطنة بقدر ما أصبح النظام التعليمي يركز على المعلومات والجانب التقني والعلمي لا غير.
أما فيما يخص الحلول التي يقترحها الأكاديمي المغربي للتقليص من هذا الإنحلال الأخلاقي الخطير، هو التعامل بعقلانية و تبصر مع هذا المد التكنولوجي الكاسح خاصة على مستوى منصات التواصل الإجتماعي وما يتم نشره و ترويجه من قيم سامة و أفكار هدامة و معلومات مغلوطة و أخبار زائفة.