سنكون قد وضعنا إذا أنفسنا في الملامح الأولى للصورة، وفي قالبها أو محتواها الطبيعي الذي تعتاد عليه في هذه الأوقات التي تبدوا أكثر عصبية واجحافا، بل قهرا في حق الطبقات الهشة التي تعاني من كل جهة، لا سيما ما سوف تسد به رمق جوعها في هذا الشهر الفضيل القادم- رمضان الأبرك- وإننا لنواسيها ونواسي ذواتنا نحن أيضا على المحاين التي رافقتنا طيلة ظهور الجائحة، وظهور أخرى بسبب الارتفاع الصاروخي الذي عرفته أسعار المواد الغذائية.

لا يمكننا بطبيعة الحال وكما يشاع دائما، مقارعة الحربائيون وأصحاب الشهوات الكثيرة، أولئك الذين اذا لم تمتلئ بطونهم لا تنظر بصيرتهم للمحروم من غيرهم، ممن لا كسرة خبز توجد على موائد إفطارهم، هذا في حال إن وجدت استنادا إلى ما يبطش الواقع من حرمان متعدد الأوجه والمناظر، ومن يحتسي كوب ليمون وتتلون موائده بأنواع الأطباق يكون فعلا قد ارتكب جريمة شنعاء لا تغتفر في حق الإنسانية، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

وحتى لا نكون أمام صورة مشوهة، للمجتمع، كان مفروضا أن نتقاسم الكل مع الكل، أو على الأقل النظر إليهم بعين الرحمة والشفقة والحنين إلى أبنائهم وعائلاتهم، وهنا أكون لا أوصي بما يلزمنا فعله بل بما هو واجب علينا أن نتميز به سبيلا في إطفاء جروح الماضي وتبعات الحاضر، وهذا كله لن يتأتى ويعطي ثماره ما لم تتسوى قاعدة أفئدة البعض وينفرد ضميرها إلى ما يقابع نظيرتها الموجودة في الشارع بلا أحذية ولا مأوى.

إن ما يجري في واقعنا المعيشي الحالي، هو سليل ونتاج آخرين لا رغبة ولا نية لهم في تأكيد صحوة مجتمعهم، وأن السخط الذي عرفه الشارع المغربي مؤخرا كان قاسيا جدا على الضعفاء وحدهم، ولا أحد لمن يجاري معاناتهم ومشاكلهم، وإذا كان ذلك راجع بالأساس إلى مسألة نتعود عليها على طاولاتنا دون اجتهادات من هذا الرصيف، فإننا وبالمقارنة مع مجتمعات أخرى، نجد فيها من يحميهم ومن يرعاهم ويكسوهم.