"مراسلون بلا حدود": الصحافة في المغرب تعاني ضغوطا والتعددية صورية وقيادية نقابية: "التقرير غير محايد ولا موضوعي"

Image description
الخميس 05 مايو 2022 - 10:05 وكالات

صنفت منظمة "مراسلون بلا حدود"، في تقريرها السنوي حول "حرية الصحافة"، المغرب في الرتبة 135 عالمياً في سنة 2022، بعدما حل في السنة الماضية بالمرتبة 136.

وتقدم المغرب في تصنيف مؤشر حرية الصحافة 2022 بنقطة واحدة، وذلك من الرتبة 136 إلى 135 عالمياً، فيما حل سابعاً في المنطقة العربية خلف كل من جزر القمر وتونس وموريتانيا وقطر ولبنان والجزائر على التوالي.

وقالت الوثيقة إن "المجتمع يستهلك الصحافة المستقلة، لكن دون إبداء استعداده للدفاع عنها. وتتفشى نماذج التضليل الإعلامي السائدة من خلال انتشار ما يُعرف بصحافة والإثارة، التي لا تحترم الخصوصية وتحط من صورة المرأة، بشكل عام".

وأبرزت الوثيقة أن "تعددية الصحافة في المغرب تبقى مجرد واجهة صورية، حيث لا تعكس وسائل الإعلام تنوع الآراء السياسية في البلاد، ويواجه الصحافيون المستقلون والمنابر الإعلامية الناقدة ضغوطاً كبيرة، يُنتهك الحق في الحصول على المعلومات أمام آلة الدعاية التي ترمي بكل ثقلها، بينما أصبح التضليل الإعلامي أداة لخدمة الأجندة السياسية لدوائر السلطة. وأمام هذه الضغوط الخانقة، سقطت آخر قلاع الإعلام المستقل في المغرب بعد أن احتجبت جريدة "أخبار اليوم" في أبريل 2021، لتُصبح منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية المصدر الرئيسي للباحثين عن الأخبار في البلاد".

ونبَّه التقرير إلى أن “مكانة عزيز أخنوش رئيس الحكومة بالمغرب كرجل أعمال قوي، تثير مخاوف بشأن إمكانية فسح المجال لظهور تواطؤ كبير بين وسائل الإعلام والقطاعات الاقتصادية؛ حيث يواجه الصحافيون الكثير من العراقيل في القيام بعملهم، وسط الخطوط الحمراء العديدة التي تحيط بهم، وإن كانت ضمنية، كملف الصحراء، والنظام الملكي، والفساد، والإسلام، ناهيك عن التطرق للأجهزة الأمنية وطريقة تدبير جائحة كوفيد-19 وقمع المظاهرات”.
“الاعتقال دون أمر قضائي والحبس الاحتياطي لمدة طويلة أصبح من الممارسات الشائعة في المغرب. ففي السنوات الخمس الماضية، اتخذت القضايا المرفوعة ضد الصحافيين المستقلين طابعاً أخلاقياً، مثل اتهامهم بالاغتصاب والاتجار بالبشر والعلاقات الجنسية غير القانونية وممارسة الإجهاض غير القانوني، علماً أن معظم هذه المحاكمات تصاحبها حملات تشهير من تدبير وسائل إعلام مقربة من دوائر السلطة. ففي 2020، ناشد 110 صحافيين المجلس الوطني للصحافة (الهيئة التنظيمية التي لها صلاحية معاقبة المؤسسات الإعلامية المخالِفة لقانون الصحافة) باتخاذ “عقوبات تأديبية” ضد "صحافة التشهير"، يقول التقرير.

واعتمدت منظمة "مراسلون بلا حدود"، في تصنيفها على 5 عوامل أساسية، متمثلة في السياق السياسي لكل دولة، والإطار القانوني لعمل الصحافيين، والسياق الاقتصادي، والسياق الاجتماعي والثقافي، ثم الأمان المتاح للصحافيين في عملهم.

وبخصوص الإطار القانوني، أبرز التقرير أن الدستور المغربي يكفل حرية التعبير والحق في الوصول إلى المعلومات. كما يحظر أي رقابة مسبقة وينص على أن تضمن الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري احترام التعددية”. ورغم اعتماد قانون جديد للصحافة في 2016، بحيث تم إلغاء العقوبات السالبة للحرية بالنسبة لجُنح الصحافة، إلا أن اللجوء إلى القانون الجنائي لملاحقة المنابر الإعلامية الناقدة ما زال قائماً في المغرب.

ولفت التقرير إلى وجود نقص على مستوى الضمانات القانونية بالنسبة لحرية التعبير والصحافة، "وما يصاحب ذلك من ضعف في استقلالية القضاء وتزايد في وتيرة المتابعات القضائية ضد صحافيين، مما كرّس الرقابة الذاتية بين المشتغلين في مجال الصحافة". أما على المستوى الاقتصادي، فأشارت المنظمة إلى أن الصحافيين المغاربة يعملون في بيئة اقتصادية مضطربة، حيث تعجز وسائل الإعلام عن جذب المعلنين.

أما المنابر المستقلة فهي تعاني الأمرين من أجل تحقيق الاستقرار المالي الذي من شأنه أن يضمن لها الاستمرارية، في حين تنعم المؤسسات الصحافية الموالية للدولة باستقرار أكبر بفضل سهولة حصولها على الموارد المالية، وفق المصدر ذاته.

الإعلامية حنان رحاب، عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، اعتبرت أن تقرير هذه السنة "لم يكن موضوعياً ولا محايداً، وتحكمت فيه حسابات سياسوية ضيقة". وفسرت ذلك في تصريح لوسائل إعلام عربية بالقول "إن تنقيط المغرب في عدد من المؤشرات الخمسة التي اعتمدها التقرير لم يكن ملائماً لواقع الحال في المغرب". وأضافت: "على مستوى السياق العام، يجزم التقرير أن هناك ضعفاً للتعددية في الإعلام، وهذا خطأ كبير ينم عن جهل بالواقع، فالذي صاغ التقرير لم يعر اهتماماً لكل تقارير الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري المكلفة بتنظيم ومراقبة عمل الإذاعات والقنوات حول مختلف المؤشرات ذات الصلة بالتعددية السياسية والمجتمعية بشكل موضوعي ودقيق".

وأعطت مثالاً على ذلك قائلة: "هل هناك دولة في المحيط الإقليمي تتوفر على قناة تلفزيونية موجهة للقارة الإفريقية وبلسانها، ويقدم برامجها مواطنون ينحدرون من إفريقيا جنوب الصحراء؟ لن تجد ولو دولة واحدة في هذا الإطار. وأوضحت أن هذا مجرد مثال في قطاع إعلامي سمعي بصري يفرض عليه بالقانون ضمان تعددية كل تيارات الراي والتعبير، وفي حالة تم تجاوزها فإنها تخضع لمراقبة صارمة من طرف الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري.

أما في الصحافة المكتوبة والرقمية، تضيف حنان رحاب، فهناك تنوع وتعددية كبيران، ومواقف وخطوط تحريرية متنوعة: مثال بسيط في هذا الإطار، وتابعت: قبل أسابيع قليلة خصصت مجلة معروفة بالمغرب غلافاً لها ينتقد رئيس الحكومة بشكل حاد، وخصوصاً في ربطه بين السياسة والمال باعتباره رجل أعمال. بل إن الأمر وصل إلى التدليس بالإشارة إلى أنه تم إقفال "أخبار اليوم" بعد وصفها بآخر جريدة مستقلة في المغرب في تبخيس كبير لمجهودات مؤسسات إعلامية مغربية وعمل زميلاتنا وزملائنا. والحال أن إقفالها بشهادة العاملين فيها كان بسبب ملاكها، وفق قول المتحدثة نفسها.

وواصلت تصريحها لنفس الوسيلة الإعلامية: فيما يتعلق بالمؤشرات؛ تقول المنظمة في مؤشر السياق السياسي إن هناك العديد من الخطوط الحمراء التي للغرابة يتم تناولها في الإعلام الوطني. وقالت القيادية النقابية “فيما يتعلق بالسياق التشريعي تم إغفال كل ما حققته بلادنا من مكتسبات، مع العلم أننا نطالب كنقابة ومجتمع مدني بمزيد من المكتسبات؛ لتخلص إلى القول: "باقي المؤشرات المجتمعية والاقتصادية وأمن الصحافيين، فرغم الملاحظات المسجلة، إلا أن المنظمة لم تلامس الحقيقة كاملة ولم تقدم تقييماً موضوعياً".