إن كان العالم كله يترقب حول ما سيفعله الرئيس الروسي بوتين، بتهديده العالم بالنووي رفقة من لقبوه بالمجنون كيم جونغ، فإن المغرب يترقب حقيقة ما ستؤول إليه الأوضاع وما سيتبقى لهذه الدبابة الروسية الحقيقية، في ظل الانتكاسة العظمى التي عرفتها الارتفاعات الصاروخية في أسعار المواد الغذائية والمحروقات في المغرب، وفي أجواء شهدت احتقانا اجتماعيا فر من قسورته إلى وجود حي فيه تعالت أصوات الصغير والكبير، وتحلحلت حناجرها من كل المدن.
حتى هنا في مجتمع بات لا يألفه الكثيرون، يموت فيه الإنسان يبطئ شديد، فإذا كانت دولة أوكرانيا اليوم تستنجد بمن يقف جنبها أمام جحيم بوتين وصواريخه، فإن الطبقات المتضررة في مجتمعنا تتقيأ من هول ما أصاب بطونها من جوع ونكد وغدر، وحلال عليها كما يصخب بذلك الشارع العام أن تكون الحرب خارجية بدل أن تكون داخلية، وربما نفهم جميعا أن علينا الأخذ بوصية حارب عدوك الداخلي قبل الداخلي، أو بمعنى آخر، وكما يقال احذر من عدوك القريب فأما البعيد فلا تخاف.
إن ما يصدأ به واقعنا المعيشي اليوم، ينم عن عدم الرغبة في كل شئ، خاصة من مسبح حكومة جاءت لتصفي الحسابات مع فقراء اختارتهم لدس السم القاتل والفتاك في أوعيتهم الفارغة. نتعجب حين يخرج رئيس حكومتنا ليقول لنا علنا إلزامية الجرعة الثالثة ضرورية، بل نصاب بالذهول حين يلتفت رئيس حكومتنا وهو يستقوي على أريكته مخاطبا المواطن بضرورة هذه الحماية، التي ما فتئ يراها الكثيرون مسضعفة تحسبا على أنه انجاز عظيم.
إنها حرب الأسواق بكل مصداقية، لكون الفيروس اللعين والفتاك، هو زيادة الطين بلة، حيث أن جل المغاربة يشتكون من هذا الذعر الذي أصابهم، وأن النزول أو ربما تفقد حالات معظم هؤلاء أين يبيتون وأين يعيشون ومن أين يقتاتون قوت يومهم المعيشي، يبقى اشكالا كبيرا قد لا تكون هذه الطبقة الميسورة قد عاشته يوما أو تذوقت مرارته ساعة أو لديها فعلا النية لذلك.